مَنْ صامَ يَوْمَ عَرفَةَ بنِيَّةِ القَضاءِ هَلْ يُدرِكُ الأَجْرَ المُترتِّبَ عَلَى صِيامِ يَوْمِ عَرفَةَ؟
خزانة الأسئلة / الصوم / من صام يوم عرفة بنية القضاء هل يدرك الأجر المترتب على صيام يوم عرفة
من صام يوم عرفة بنية القضاء هل يدرك الأجر المترتب على صيام يوم عرفة؟
السؤال
مَنْ صامَ يَوْمَ عَرفَةَ بنِيَّةِ القَضاءِ هَلْ يُدرِكُ الأَجْرَ المُترتِّبَ عَلَى صِيامِ يَوْمِ عَرفَةَ؟
من صام يوم عرفة بنية القضاء هل يدرك الأجر المترتب على صيام يوم عرفة؟
الجواب
الحَمْدُ لِلَّهِ، وأُصَلِّي وأُسَلِّم عَلَى نَبيِّنا مُحمَّدٍ، وعَلَى آلِهِ وصَحبِهِ أجَمَعينَ.
أمَّا بَعْدُ:
فصِيامُ يَوْمِ عرَفَةَ أعظَمُ أيَّامِ صِيامِ التَّطوُّعِ أجْرًا، فإنَّهُ لم يَرِدْ في فَضْلِ صِيامِ يَوْمٍ تَطَوُّعًا كما وَرَدَ في صِيامِ يَوْمِ عَرفَةَ، ففي "صَحيحِ مُسلِمٍ" مِنْ حَديثِ أبِي قَتادَةَ: أنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - قالَ: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ» "صَحيحُ مُسلِمٍ"(1162).
وهَذَا الفَضْلُ العَظيمُ بتَكفيرِ خَطايَا سَنتَيْنِ يَحصُلُ لمَنْ صامَ يَوْمَ عَرفَةَ تَطوُّعًا، إيمَانًا واحتِسابًا، مِنْ غَيْرِ خِلافٍ، أمَّا مَنْ صامَ يَوْمَ عَرفَةَ بنِيَّةِ القَضاءِ أو الكفَّارَةِ أو النَّذْرِ، ونَوَى مَعَهُ صِيامَ يَوْمِ عَرفَةَ لإدراكِ فَضْلِهِ، فلأهلِ العِلمِ في هَذَا قَوْلانِ:
القَوْلُ الأوَّلُ: أنَّ مَن صامَ يَوْمًا بنِيَّةِ الفَرْضِ والتَّطوُّعِ فصيامُهُ صَحيحٌ، وأنَُّه يَحصُلُ لَهُ ما نَوَى مِنْهُما، فمَنْ صامَ يَوْمَ عَرفَةَ بنِيَّةِ القَضاءِ وبنِيَّةِ التَّطوُّعِ يُدرِكْ بذَلِكَ أجرَيْنِ: أجرَ صِيامِ يَوْمِ عَرفَةَ، وأجْرَ صِيامِ القَضاءِ.
وقَدْ قالَ بذَلِكَ جَماعَةٌ مِنْ أهلِ العِلمِ، مِنَ المالِكيَّةِ والشَّافعيَّةِ "حاشيَةُ الدُّسوقيِّ"(5/96)، "حاشيَةُ إعانَةِ الطَّالِبينَ"(2/252)، "الفَتاوَى الفِقْهيَّةُ الكُويتيَّةُ"(2/83). وغَيْرِهِم، واختارَهُ مِنَ المُعاصِرينَ شَيْخُنا مُحمَّدُ العُثَيمِين - رَحِمَهُ اللهُ - حَيْثُ قالَ: "لو نَوَى أنْ يَصومَ هَذَا اليَوْمَ - يَوْمَ عَرفَةَ - عَنْ قَضاءِ رَمضانَ حَصَلَ لَهُ الأجْرانِ: أجرُ يَوْمِ عَرفَةَ مَعَ أجرِ القَضاءِ" "مَجموعُ فَتاوَى ابنِ عُثَيمِين"(20/29)
وهو ما يُفهَمُ مِنْ جَوابٍ لشَيْخِنا عَبدِ العَزيزِ بنِ بازٍ أيضًا، حَيْثُ قالَ: "وإذا صامَ يَوْمَ عَرفَةَ عَنِ القَضاءِ، وأيَّامَ التِّسْعِ عَنِ القَضاءِ، فهُوَ حَسَنٌ" "مَجموعُ فَتاوَى ابنِ بازٍ"(15/406).
وحُجَّةُ هَذَا القَوْلِ: أنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - رتَّبَ الأجرَ في صِيامِ يَوْمِ عَرفَةَ عَلَى فِعْلِ الصَّوْمِ، فبأيِّ نِيَّةٍ عِباديَّةٍ صامَهُ تحقَّقَتِ الصُّورَةُ الَّتِي رَتَّبَ عَلَيْها الأجرَ، وهَذَا يَندَرِجُ فِيما ذَكَرَهُ العُلَماءُ مِنَ التَّشريكِ في النِّيَّةِ أو تَداخُلِ العِباداتِ، حَيْثُ ذَكَرُوا أنَّ ذَلِكَ عَلَى قِسمَيْنِ:
الأوَّلِ: ما كانَ الفِعْلُ مَقصودًا بنَفْسِهِ، وهَذَا لا تَشريكَ فِيهِ، ولا تَداخُلَ، بَلْ لا بُدَّ مِنَ الإتيانِ بكُلِّ واحِدٍ فِيها مُستَقِلًا عَنِ الآخَرِ، كراتِبَةِ الظُّهْرِ ورَاتِبَةِ المَغرِبِ مَثَلًا، كِلاهُمَا مَقصودُ الحُصولِ بنَفسِهِ.
والثَّانِي: ما كانَ المَقصودُ مِنْهُ مُجرَّدَ الفِعْلِ لا ذَاتِهِ، كتَحيَّةِ المَسجِدِ، فإنَّ المَقصودَ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللُه عَلَيْهِ وسَلَّمَ -: «إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلاَ يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ» أخرَجَهُ البُخاريُّ(1167)، ومُسلِمٌ(714). أنْ لا يَجلِسَ دَاخِلَ المَسجِدِ إلَّا بَعْدَ صَلاةٍ، وذَلِكَ يتَحقَّقُ بالفَريضَةِ والنَّافِلَةِ المُقيَّدَةِ والنَّافِلَةِ المُطلَقَةِ، ومِنْهُ أيضًا صَوْمُ يَوْمِ عَرفَةَ، قالَ شَيْخُنا ابنِ عُثَيمِين - رَحِمَهُ اللهُ -: "فصَوْمُ يَوْمِ عَرفَةَ مَثَلًا المَقصودُ أنْ يَأتيَ عَلَيْكَ هَذَا اليَّوْمُ وأنتَ صائِمٌ، سَواءٌ كُنتَ نَوَيْتَهُ مِنَ الأيَّامِ الثَّلاثَةِ الَّتِي تُصامُ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، أو نَوَيتَه ليَوْمِ عَرفَةَ" "مَجموعُ فَتاوَى ابنِ عُثَيمِين"(20/13).
القَولُ الثَّانِي: أنَّهُ لا يَصِحُّ في العِبادَةِ الجَمْعُ بَيْنَ نِيَّةِ الفَرْضِ ونِيَّةِ التَّطوُّعِ، فمَنْ صامَ يَوْمَ عَرفَةَ بنِيَّةِ القَضاءِ وبنِيَّةِ التَّطوُّعِ لا يَحصُلُ لَهُ فَضْلُ صيامِهِ، لأنَّ فَضْلَ صيامِ يَوْمِ عَرفَةَ لا يَحصُلُ إلا بنِيَّةِ صَومِهِ تَطوُّعًا، عَلَى الوَجْهِ الَّذِي رَتَّبَ عَلَيْه الأجْرَ، وهُوَ أنْ يَصومَهُ لكَونِهِ يَوْمَ عَرفَةَ، وبهَذَا قالَ جَماعَةٌ مِنَ المالِكيَّةِ والشَّافعيَّةِ وغَيْرِهِم "بُلْغَةُ السَّالِكِ لأقْرَبِ المَسالِكِ"(1/449)، "مُغنِي المُحتاجِ"(5/186)..
وحُجَّةُ هَذَا القَوْلِ: أنَّهُ لا يَجتَمِعُ في عَمَلٍ نِيَّةُ الفَرْضِ ونِيَّةُ التَّطوُّعِ، لاختِلافِهِما في الأَحْكامِ.
والأقرَبُ مِنْ هَذَيْنِ القَولَيْنِ -واللهُ أعلَمُ- أنَّ مَنْ صامَ يَوْمَ عَرفَةَ بنِيَّةِ القَضاءِ والتَّطوُّعِ، فإنَّهُ يُحصِّلُ أجْرَ فِعْلِ الواجِبِ وأجرَ التَّطوُّعِ، فيَحصُلُ لَهُ صَوْمُ القَضاءِ وصَوْمُ يَوْمِ عَرفَةَ، ويُمكِنُ أنْ يُستدَلَّ لذَلِكَ بما رَواهُ البُخاريُّ ومُسلِمٌ مِنْ حَديثِ عُمَرَ بنِ الخطَّابِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - أنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - قالَ: «إنَّما الأعْمالُ بالنِّياتِ، وإنَّما لكُلِّ امرِئٍ ما نَوَى» صَحيحُ البُخاريِّ (1)، وصَحيحُ مُسلِمٍ (4962). .
فيَكونُ لمَنْ صامَ عرفَةَ قَضاءً وتَطوُّعًا ما نَوَى، وفَضْلُ اللهِ واسِعٌ.
وأمَّا قَوْلُهُم بأنَّهُ لا يَجتَمِعُ نِيَّةُ الفَرْضِ والتَّطوعِ فغَيْرُ مُسَلَّمٍ، فإنَّهُ إذا دَخَلَ المَسجِدَ وصَلَّى الفَرْضَ، يَكونُ قَدِ امتَثلَ أمْرًا واجِبًا وآخَرَ مَندوبًا، واللهُ أعلَمُ.
أخُوكُم
أد. خالِد المُصلِح
5/ 12 / 1434هـ
الحَمْدُ لِلَّهِ، وأُصَلِّي وأُسَلِّم عَلَى نَبيِّنا مُحمَّدٍ، وعَلَى آلِهِ وصَحبِهِ أجَمَعينَ.
أمَّا بَعْدُ:
فصِيامُ يَوْمِ عرَفَةَ أعظَمُ أيَّامِ صِيامِ التَّطوُّعِ أجْرًا، فإنَّهُ لم يَرِدْ في فَضْلِ صِيامِ يَوْمٍ تَطَوُّعًا كما وَرَدَ في صِيامِ يَوْمِ عَرفَةَ، ففي "صَحيحِ مُسلِمٍ" مِنْ حَديثِ أبِي قَتادَةَ: أنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - قالَ: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ» +++"صَحيحُ مُسلِمٍ"(1162).---
وهَذَا الفَضْلُ العَظيمُ بتَكفيرِ خَطايَا سَنتَيْنِ يَحصُلُ لمَنْ صامَ يَوْمَ عَرفَةَ تَطوُّعًا، إيمَانًا واحتِسابًا، مِنْ غَيْرِ خِلافٍ، أمَّا مَنْ صامَ يَوْمَ عَرفَةَ بنِيَّةِ القَضاءِ أو الكفَّارَةِ أو النَّذْرِ، ونَوَى مَعَهُ صِيامَ يَوْمِ عَرفَةَ لإدراكِ فَضْلِهِ، فلأهلِ العِلمِ في هَذَا قَوْلانِ:
القَوْلُ الأوَّلُ: أنَّ مَن صامَ يَوْمًا بنِيَّةِ الفَرْضِ والتَّطوُّعِ فصيامُهُ صَحيحٌ، وأنَُّه يَحصُلُ لَهُ ما نَوَى مِنْهُما، فمَنْ صامَ يَوْمَ عَرفَةَ بنِيَّةِ القَضاءِ وبنِيَّةِ التَّطوُّعِ يُدرِكْ بذَلِكَ أجرَيْنِ: أجرَ صِيامِ يَوْمِ عَرفَةَ، وأجْرَ صِيامِ القَضاءِ.
وقَدْ قالَ بذَلِكَ جَماعَةٌ مِنْ أهلِ العِلمِ، مِنَ المالِكيَّةِ والشَّافعيَّةِ +++"حاشيَةُ الدُّسوقيِّ"(5/96)، "حاشيَةُ إعانَةِ الطَّالِبينَ"(2/252)، "الفَتاوَى الفِقْهيَّةُ الكُويتيَّةُ"(2/83).--- وغَيْرِهِم، واختارَهُ مِنَ المُعاصِرينَ شَيْخُنا مُحمَّدُ العُثَيمِين - رَحِمَهُ اللهُ - حَيْثُ قالَ: "لو نَوَى أنْ يَصومَ هَذَا اليَوْمَ - يَوْمَ عَرفَةَ - عَنْ قَضاءِ رَمضانَ حَصَلَ لَهُ الأجْرانِ: أجرُ يَوْمِ عَرفَةَ مَعَ أجرِ القَضاءِ" +++"مَجموعُ فَتاوَى ابنِ عُثَيمِين"(20/29) ---
وهو ما يُفهَمُ مِنْ جَوابٍ لشَيْخِنا عَبدِ العَزيزِ بنِ بازٍ أيضًا، حَيْثُ قالَ: "وإذا صامَ يَوْمَ عَرفَةَ عَنِ القَضاءِ، وأيَّامَ التِّسْعِ عَنِ القَضاءِ، فهُوَ حَسَنٌ" +++"مَجموعُ فَتاوَى ابنِ بازٍ"(15/406).---
وحُجَّةُ هَذَا القَوْلِ: أنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - رتَّبَ الأجرَ في صِيامِ يَوْمِ عَرفَةَ عَلَى فِعْلِ الصَّوْمِ، فبأيِّ نِيَّةٍ عِباديَّةٍ صامَهُ تحقَّقَتِ الصُّورَةُ الَّتِي رَتَّبَ عَلَيْها الأجرَ، وهَذَا يَندَرِجُ فِيما ذَكَرَهُ العُلَماءُ مِنَ التَّشريكِ في النِّيَّةِ أو تَداخُلِ العِباداتِ، حَيْثُ ذَكَرُوا أنَّ ذَلِكَ عَلَى قِسمَيْنِ:
الأوَّلِ: ما كانَ الفِعْلُ مَقصودًا بنَفْسِهِ، وهَذَا لا تَشريكَ فِيهِ، ولا تَداخُلَ، بَلْ لا بُدَّ مِنَ الإتيانِ بكُلِّ واحِدٍ فِيها مُستَقِلًا عَنِ الآخَرِ، كراتِبَةِ الظُّهْرِ ورَاتِبَةِ المَغرِبِ مَثَلًا، كِلاهُمَا مَقصودُ الحُصولِ بنَفسِهِ.
والثَّانِي: ما كانَ المَقصودُ مِنْهُ مُجرَّدَ الفِعْلِ لا ذَاتِهِ، كتَحيَّةِ المَسجِدِ، فإنَّ المَقصودَ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللُه عَلَيْهِ وسَلَّمَ -: «إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلاَ يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ» +++ أخرَجَهُ البُخاريُّ(1167)، ومُسلِمٌ(714).--- أنْ لا يَجلِسَ دَاخِلَ المَسجِدِ إلَّا بَعْدَ صَلاةٍ، وذَلِكَ يتَحقَّقُ بالفَريضَةِ والنَّافِلَةِ المُقيَّدَةِ والنَّافِلَةِ المُطلَقَةِ، ومِنْهُ أيضًا صَوْمُ يَوْمِ عَرفَةَ، قالَ شَيْخُنا ابنِ عُثَيمِين - رَحِمَهُ اللهُ -: "فصَوْمُ يَوْمِ عَرفَةَ مَثَلًا المَقصودُ أنْ يَأتيَ عَلَيْكَ هَذَا اليَّوْمُ وأنتَ صائِمٌ، سَواءٌ كُنتَ نَوَيْتَهُ مِنَ الأيَّامِ الثَّلاثَةِ الَّتِي تُصامُ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، أو نَوَيتَه ليَوْمِ عَرفَةَ" +++"مَجموعُ فَتاوَى ابنِ عُثَيمِين"(20/13).---
القَولُ الثَّانِي: أنَّهُ لا يَصِحُّ في العِبادَةِ الجَمْعُ بَيْنَ نِيَّةِ الفَرْضِ ونِيَّةِ التَّطوُّعِ، فمَنْ صامَ يَوْمَ عَرفَةَ بنِيَّةِ القَضاءِ وبنِيَّةِ التَّطوُّعِ لا يَحصُلُ لَهُ فَضْلُ صيامِهِ، لأنَّ فَضْلَ صيامِ يَوْمِ عَرفَةَ لا يَحصُلُ إلا بنِيَّةِ صَومِهِ تَطوُّعًا، عَلَى الوَجْهِ الَّذِي رَتَّبَ عَلَيْه الأجْرَ، وهُوَ أنْ يَصومَهُ لكَونِهِ يَوْمَ عَرفَةَ، وبهَذَا قالَ جَماعَةٌ مِنَ المالِكيَّةِ والشَّافعيَّةِ وغَيْرِهِم +++"بُلْغَةُ السَّالِكِ لأقْرَبِ المَسالِكِ"(1/449)، "مُغنِي المُحتاجِ"(5/186).---.
وحُجَّةُ هَذَا القَوْلِ: أنَّهُ لا يَجتَمِعُ في عَمَلٍ نِيَّةُ الفَرْضِ ونِيَّةُ التَّطوُّعِ، لاختِلافِهِما في الأَحْكامِ.
والأقرَبُ مِنْ هَذَيْنِ القَولَيْنِ -واللهُ أعلَمُ- أنَّ مَنْ صامَ يَوْمَ عَرفَةَ بنِيَّةِ القَضاءِ والتَّطوُّعِ، فإنَّهُ يُحصِّلُ أجْرَ فِعْلِ الواجِبِ وأجرَ التَّطوُّعِ، فيَحصُلُ لَهُ صَوْمُ القَضاءِ وصَوْمُ يَوْمِ عَرفَةَ، ويُمكِنُ أنْ يُستدَلَّ لذَلِكَ بما رَواهُ البُخاريُّ ومُسلِمٌ مِنْ حَديثِ عُمَرَ بنِ الخطَّابِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - أنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - قالَ: «إنَّما الأعْمالُ بالنِّياتِ، وإنَّما لكُلِّ امرِئٍ ما نَوَى» +++ صَحيحُ البُخاريِّ (1)، وصَحيحُ مُسلِمٍ (4962).--- .
فيَكونُ لمَنْ صامَ عرفَةَ قَضاءً وتَطوُّعًا ما نَوَى، وفَضْلُ اللهِ واسِعٌ.
وأمَّا قَوْلُهُم بأنَّهُ لا يَجتَمِعُ نِيَّةُ الفَرْضِ والتَّطوعِ فغَيْرُ مُسَلَّمٍ، فإنَّهُ إذا دَخَلَ المَسجِدَ وصَلَّى الفَرْضَ، يَكونُ قَدِ امتَثلَ أمْرًا واجِبًا وآخَرَ مَندوبًا، واللهُ أعلَمُ.
أخُوكُم
أد. خالِد المُصلِح
5/ 12 / 1434هـ