فضيلة الشيخ خالد المصلح، حفظه الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد: فنأمل من فضيلتكم بيان حكم إخفاء المرض عن المريض؛ تلبيةً لطلب أسرته.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الأعضاء الكرام ! اكتمل اليوم نصاب استقبال الفتاوى.
وغدا إن شاء الله تعالى في تمام السادسة صباحا يتم استقبال الفتاوى الجديدة.
ويمكنكم البحث في قسم الفتوى عما تريد الجواب عنه أو الاتصال المباشر
على الشيخ أ.د خالد المصلح على هذا الرقم 00966505147004
من الساعة العاشرة صباحا إلى الواحدة ظهرا
بارك الله فيكم
إدارة موقع أ.د خالد المصلح
خزانة الأسئلة / منوع / حكم كتمان وعدم إخبار المريض بخطورة مرضه
فضيلة الشيخ خالد المصلح، حفظه الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد: فنأمل من فضيلتكم بيان حكم إخفاء المرض عن المريض؛ تلبيةً لطلب أسرته.
السؤال
فضيلة الشيخ خالد المصلح، حفظه الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد: فنأمل من فضيلتكم بيان حكم إخفاء المرض عن المريض؛ تلبيةً لطلب أسرته.
فضيلة الشيخ خالد المصلح، حفظه الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد: فنأمل من فضيلتكم بيان حكم إخفاء المرض عن المريض؛ تلبيةً لطلب أسرته.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أما بعد:
فأفيدكم بأن حكم إخبار المريض بأنه مصاب بمرض خطير يختلف باختلاف أحوال المرضى؛ لذلك ينبغي للطبيب أو من يتولى إخبار المريض بمرضه الخطير أن يوازن بين مصالح إخبار المريض وبين مفاسده. وفي الجملة يمكن أن تنتهي الموازنة إلى إحدى الأحوال التالية:
الحال الأولى: أن تكون مصالح إخبار المريض بمرضه الخطير أرجح وأغلب من مفاسده؛ كأن يكون الإخبار معينًا للمريض على الاهتمام بالعلاج وخطواته وانتظام الدواء ونحو ذلك، فحينئذ ينبغي إخباره، مع التأكيد على ضرورة مراعاة الأسلوب المناسب الذي يخفِّف أثر الصدمة في المريض، ويُفسِح له في الأجل؛ فإن الموت والحياة غير مقترنين بصحة ولا مرض، ولذا كان المشروع في معاملة المريض أن يبث لديه روح الفأل بالسلامة والأمل بالصحة.
ويُستأنَس في ذلك بما جاء في السنن من حديث أبي سعيد، أن النبي ﷺقال: «إِذَا دَخَلْتُمْ عَلَى المَرِيضِ فَنَفِّسُوا لَهُ فِي الأَجَلِ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَرُدُّ شَيْئًا، وَهُوَ يُطَيِّبُ نَفْسَ الْمَرِيضِ». أي: أطمعوا المريض في الحياة؛ فإن في ذلك تنفيسًا لما هو فيه من الكرب وتطمينًا لقلبه.
الحال الثانية: أن تكون مفاسد إخبار المريض بمرضه الخطير أرجح وأغلب من مصالحه؛ كأن يكون الإخبار يؤدي إلى زيادة المرض، أو انتكاس نفسيته، أو قنوطه أو يأسه، ونحو ذلك، فلا يجوز حينئذ إخباره؛ لأنه سيوقعه في محرم، وهو اليأس من رَوح الله والقنوط من رحمته. ويؤيد ذلك: أن الشريعة مبنية على نفي الضرر وإزالته، وضرر عدم إخبار المريض في هذه الحال ومفاسده أقل من ضرر عدم إخباره ومفاسده، ومن المعلوم أنه عند تزاحم المضار والمفاسد يرتكب الأدنى منهما.
ومما يُستأنس به في هذه الحال: ما جاء من كراهية النبي ﷺ لمقالة مريض عاده، حيث قال له ﷺ: «لا بَأْسَ، طَهُورٌ إِنْ شَاء اللهُ». فأجابه المريض: قلت: طهور! كلا، بل هي حُمى تَفُور على شيخٍ كبيرٍ تُزِيره القبور. فقال النبي ﷺ: «فَنَعَمْ إِذَنْ».
وقد أفتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة شيخنا عبد العزيز بن باز بجواز الكذب على المريض بخصوص حالته الصحية إذا كان لا يتحمل التصريح. وهذا أمر زائد على مجرد الكتمان وعدم الإخبار، فجاء في فتوى رقم (6908): "يجوز الكذب عليه إذا كان الكذب ينفعه ولا يضره ولا يضر غيره، وإن أمكن أن يستعمل الطبيب والطبيبة المعاريض دون الكذب الصريح، فهو أحوط وأحسن".
الحال الثالثة: أن تكون مصالح إخبار المريض بمرضه الخطير مستوية مع مفاسده، فحينئذ ينبغي عدم الإخبار؛ لأن درء المفاسد مقدَّم على جلب المصالح، وُيكتفى بالتلميح دون التصريح؛ لما في ذلك من التنفيس عن المريض والتطييب لقلبه.
الحال الرابعة: أن يجهل الطبيب الحال، ولا يتبين له شيء في الموازنة بين مفاسد الإخبار وبين مصالحه، فليجتهدْ حينئذ بما يراه أنسب، وليبذل وسعه في فعل ما هو أقرب لمصلحة المريض.
ومما ينبغي مراعاته في جميع الأحوال: الرفق بالمريض، والأناة في قرار الإخبار من عدمه، ومشاورة ذوي المريض وأهله في المناسب لحال مريضهم بما يحقق مصلحته ويطيب قلبه، فلا يخفى عليكم أن صحة المريض النفسية لها دور كبير في تخفيف المرض وتجاوزه.
أسأل الله أن يشفي مرضى المسلمين، وأن يرزقهم الصبر واليقين، وأن يعينكم ويسددكم، وأن يجري الخير على أيديكم.
أخوكم
أ.د خالد المصلح
الخميس 14 من ربيع الآخر 1438
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أما بعد:
فأفيدكم بأن حكم إخبار المريض بأنه مصاب بمرض خطير يختلف باختلاف أحوال المرضى؛ لذلك ينبغي للطبيب أو من يتولى إخبار المريض بمرضه الخطير أن يوازن بين مصالح إخبار المريض وبين مفاسده. وفي الجملة يمكن أن تنتهي الموازنة إلى إحدى الأحوال التالية:
الحال الأولى: أن تكون مصالح إخبار المريض بمرضه الخطير أرجح وأغلب من مفاسده؛ كأن يكون الإخبار معينًا للمريض على الاهتمام بالعلاج وخطواته وانتظام الدواء ونحو ذلك، فحينئذ ينبغي إخباره، مع التأكيد على ضرورة مراعاة الأسلوب المناسب الذي يخفِّف أثر الصدمة في المريض، ويُفسِح له في الأجل؛ فإن الموت والحياة غير مقترنين بصحة ولا مرض، ولذا كان المشروع في معاملة المريض أن يبث لديه روح الفأل بالسلامة والأمل بالصحة.
ويُستأنَس في ذلك بما جاء في السنن من حديث أبي سعيد، أن النبي ﷺقال: «إِذَا دَخَلْتُمْ عَلَى المَرِيضِ فَنَفِّسُوا لَهُ فِي الأَجَلِ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَرُدُّ شَيْئًا، وَهُوَ يُطَيِّبُ نَفْسَ الْمَرِيضِ». أي: أطمعوا المريض في الحياة؛ فإن في ذلك تنفيسًا لما هو فيه من الكرب وتطمينًا لقلبه.
الحال الثانية: أن تكون مفاسد إخبار المريض بمرضه الخطير أرجح وأغلب من مصالحه؛ كأن يكون الإخبار يؤدي إلى زيادة المرض، أو انتكاس نفسيته، أو قنوطه أو يأسه، ونحو ذلك، فلا يجوز حينئذ إخباره؛ لأنه سيوقعه في محرم، وهو اليأس من رَوح الله والقنوط من رحمته. ويؤيد ذلك: أن الشريعة مبنية على نفي الضرر وإزالته، وضرر عدم إخبار المريض في هذه الحال ومفاسده أقل من ضرر عدم إخباره ومفاسده، ومن المعلوم أنه عند تزاحم المضار والمفاسد يرتكب الأدنى منهما.
ومما يُستأنس به في هذه الحال: ما جاء من كراهية النبي ﷺ لمقالة مريض عاده، حيث قال له ﷺ: «لا بَأْسَ، طَهُورٌ إِنْ شَاء اللهُ». فأجابه المريض: قلت: طهور! كلا، بل هي حُمى تَفُور على شيخٍ كبيرٍ تُزِيره القبور. فقال النبي ﷺ: «فَنَعَمْ إِذَنْ».
وقد أفتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة شيخنا عبد العزيز بن باز بجواز الكذب على المريض بخصوص حالته الصحية إذا كان لا يتحمل التصريح. وهذا أمر زائد على مجرد الكتمان وعدم الإخبار، فجاء في فتوى رقم (6908): "يجوز الكذب عليه إذا كان الكذب ينفعه ولا يضره ولا يضر غيره، وإن أمكن أن يستعمل الطبيب والطبيبة المعاريض دون الكذب الصريح، فهو أحوط وأحسن".
الحال الثالثة: أن تكون مصالح إخبار المريض بمرضه الخطير مستوية مع مفاسده، فحينئذ ينبغي عدم الإخبار؛ لأن درء المفاسد مقدَّم على جلب المصالح، وُيكتفى بالتلميح دون التصريح؛ لما في ذلك من التنفيس عن المريض والتطييب لقلبه.
الحال الرابعة: أن يجهل الطبيب الحال، ولا يتبين له شيء في الموازنة بين مفاسد الإخبار وبين مصالحه، فليجتهدْ حينئذ بما يراه أنسب، وليبذل وسعه في فعل ما هو أقرب لمصلحة المريض.
ومما ينبغي مراعاته في جميع الأحوال: الرفق بالمريض، والأناة في قرار الإخبار من عدمه، ومشاورة ذوي المريض وأهله في المناسب لحال مريضهم بما يحقق مصلحته ويطيب قلبه، فلا يخفى عليكم أن صحة المريض النفسية لها دور كبير في تخفيف المرض وتجاوزه.
أسأل الله أن يشفي مرضى المسلمين، وأن يرزقهم الصبر واليقين، وأن يعينكم ويسددكم، وأن يجري الخير على أيديكم.
أخوكم
أ.د خالد المصلح
الخميس 14 من ربيع الآخر 1438